...ومـن يهـن يسهـل الهـوان عليه

 Maroc Echecs , le 01 janvier 2009

Par Mohamed Moubarak Ryan

أغتنم مناسبة حلول السنتين، الهجرية والميلادية، لكي أقدم لكل الأصدقاء الشطرنجيين وكافة رواد موقع " شطرنج المغرب" أطيب المتمنيات سائلا العلي القدير أن يسبل على الجميع رداء الصحة والعافية والهناء، وأن يرفع الحيف، في هذه الظروف العصيبة، عن إخواننا المستضعفين الذين يسامون سوء العذاب ويواجهون، بصبر واحتساب، مظاهر الغطرسة والطغيان في غزة وفلسطين والعراق وسائر الأقطار الإسلامية. كما أعتذر عن هذا الغياب الذي يعود لأسباب تقنية وأخرى شخصية بحتة.

• كنت آمل أن أكتب هذه الحلقة الجديدة من الإبرة والهشيم بمداد التفاؤل والارتياح، استشرافا لآفاق واعدة أتاحها الجمع العام السنوي "الاستثنائي" للجامعة الملكية المغربية للشطرنج" في الثاني من نوفمبر 2008، وتشكيل لجنة مؤقتة للتسيير وأخرى لتدقيق الحسابات، ذات مهام محددة، أهمها الإعداد الجيد للجمع العام الاستثنائي الانتخابي الذي تم الإعلان عنه يوم 28 ديسمبر 2008 بالبيضاء...لكن الرياح جرت بما لا تشتهيه السفن، فتحركت الآلة الأمزالية ذات الباع الطويل في الكيد والمناورة، معضدة بدعم مشبوه من مصالح الوزارة الوصية، لإفشال هذه المحطة الضرورية لإعادة تشغيل القاطرة الجامعية المعطلة. فأدت ـ كما بات معلوما ـ إلى إلغاء الجمع المبرمج، وعجز أعضاء لجنة المتابعة عن التوافق على الخطوات الملائمة المقبلة، واختطاط السبيل الكفيل بإنقاذ الشطرنج المغربي، والحالة أن الأغلبية الساحقة من الأندية المغربية سحبت ثقتها من السيد أمزال وشركائه وصارت ترنو إلى تغيير حقيقي، يضع حدا للوضعية الكارثية الحالية.

• وفي ظل هذه الظروف المربكة، بادر الذين ما زالوا يعتبرون أنفسهم أعضاء لمكتب جامعي وهمي، إلى عقد اجتماع غير قانوني، لكن بتزكية من مديرية الرياضات بوزارة الشبيبة والرياضة قاموا خلاله "بعزل" السيد حسن السملالي وتعيين رئيس جديد مكانه في شخص "المهندس" السيد عبد المجيد منيب صفي السيد أمزال ونائبه الثاني في التشكيلة الجامعية البائدة؛ ثم التلويح بعقد الجمع العام السنوي العادي للجامعة في 18 يناير 2009... مسخرة لا تحتاج إلى توصيف وعبث يزري برياضة الشطرنج النبيلة ويدحرجها أسفل سافلين.

• لقد أدت حالة الارتباك البين ببعض أعضاء اللجنة المؤقتة إلى اعتبار أن صلاحيتها القانونية قد انتهت بعد تجاوز الشهرين المنصوص عليهما في النظام الأساسي للجامعة، ورفض رئيسها السيد محمد لامطي الاستمرار في مهمة كانت تكتسي صبغة مؤقتة ليس إلا...وانبرت مجموعة من الأصوات تدعو إلى الحضور بكثافة في الجمع العام الجديد المبرمج من طرف السيد منيب وأقرانه، تفاديا للفراغ الحاصل في الساحة الشطرنجية وبهدف تحويل مسار الجمع ومجراه ! وإذا تبين أن هذه الدعوة جدية، فإنها تنم ـ في نظري ـ عن استخفاف بالمسؤولية وتناقض صارخ في منطق من يدافعون عنها. لقد اتخذت الأغلبية المطلقة للأندية المجتمعة بسلا في 2 نوفمبر 2008 قرارات لها صبغة قانونية ولم تكن لعب عيال ! ومن أبرزها تقديم الرئيس (ومكتبه الجامعي) لاستقالته وتشكيل لجنتي للتدقيق والمتابعة... فلم يعد السيد منيب ومن معه يمثلون بعد انتهاء الجمع إلا أنفسهم، وتجاوزا أنديتهم التي ينتمون إليها. وإذا كانت السيدة نوال المتوكل قد وقعت ـ بصفتها وزيرة للشبيبة والرياضة ـ على رسالة تصف الجمع بأنه "اجتماع للسيد السملالي مع مجموعة من الأشخاص"، فالسيدة الوزيرة حرة في تقديرها وتصرفها، بيد أنها لا تشكل سلطة قضائية، ولا يمكنها إلغاء بنود واضحة في النظام الأساسي للجامعي... نعم بإمكانها اللجوء إلى مقتضيات القانون المتعلق بالرياضة والتربية البدنية، ولاسيما الفصل 22 الشهير الذي ينص على حل الجامعات التي أخلت بالتزاماتها القانونية أو الرياضية أو التنظيمية، مع تشكيل لجنة وزارية لتصريف شؤونها وعقد جمع عام انتخابي في أجل لا يتعدى السنة الواحدة. وهو الأمر الذي طالبت به مرارا (ولم أكن وحدي بالطبع في هذا الوقف) خصوصا أمام التلاعبات الخطيرة والاختلالات المفضوحة وملفات التحكيم المزورة التي طبعت تسيير الجامعة على عهد السيد أمزال... وأعتقد أن الأندية المغربية التي عرفت أخيرا أن "الحلال بين والحرام بين" سترحب بهذه الخطوة الجريئة التي قد تتيح للشطرنج الوطني فرصة استرجاع أنفاسه، والانطلاق نحو المستقبل بصورة سليمة...

• لقد كنا ننتظر من اللجنة المؤقتة اعتماد منهج تواصلي فاعل، وإشراك الأندية والشطرنجيين المغاربة في العراقيل التي تواجهها، وذلك بواسطة إصدار بلاغات إخبارية دورية، سواء من خلال الموقع الرسمي للجامعة أم " مغرب الشطرنج". وكان بإمكانها أن تمدد مهامها حتى انعقاد الجمع العام الذي باتت مسؤولة عن التئامه. فالحق والقانون بجانبها، فلا تحل نفسها باجتهادات فردية، تاركة فارغا قاتلا قد يزيد في تكريس الأزمة الحالية وتعقيد الحلول المطروحة.

• ليس المقام مقام لوم وعتاب... بل مجال اقتراح حلول عملية ناجعة، ومنها ما دعا إليها الأخ سعيد العوني بتوجيه رسالة مفتوحة على السيدة نوال المتوكل توقعه الغالبية المطلقة من الأندية المغربية، كصرخة احتجاج على المؤامرات المبيتة ودعم لصلاحيات اللجنة المؤقتة التي شكلها الجمع العام القانوني للجامعة. وقد يكمن المخرج الممكن حاليا ـ مع تحفظاتي على صفته القانونية ـ في توقيع عريضة تضم أغلب الأندية المتضامنة، وتوجيها إلى الوزارة الوصية مطالبة إياها بالدعوة والإشراف على جمع عام استثنائي انتخابي، يحضره رئيس اللجنة المؤقتة السيد محمد لامطي، بصفته الممثل الرسمي الحالي للجامعة... وعلى أنديتنا المسؤولة أن تقاطع مطلقا، ومهما كانت الظروف، أي جمع عام يدعو إليه مكتب جامعي غير شرعي.

... من يهن يسهل الهوان عليه... ما لجرح بميت إيلام

• ويبقى اللجوء إلى القضاء آخر المطاف في هذا المسلسل الطويل من الصراع المرير من أجل إنقاذ الجامعة الملكية المغربية للشطرنج... ثم متابعة كل الذين ثبت تورطهم في فضائح أخلاقية أو مالية أو إدارية. وعلى الذين يؤمنون بأن الحق والقانون بجانبهم أن يخوضوا معركتهم حتى النهاية.

• وفي انتظار انفراج هذه الغمة... يظل شبح"سـنة بيضـاء" جديــدة جاثما في الأفق القريب... وعلى أنديتنا أن تتعلــم كيف تنظم وتطور أنشطتها الشطرنجية دونما اتكال على البرنامج الجامعي، مثل المبادرات المحمودة التي يقوم بها نادي الفتح الرياضي لفائدة الفئات الصغرى بالخصوص، أو الأنشطة الدورية التي تشهدها مدن تطوان وشفشاون والخميسات والبيضاء واليوسفية وغيرها. وعليها أن تبحث عن صيغ بديلة لتنظيم منافسات وطنية للفتيان والشبان، ومباريات بين الفرق، ودوريات مفتوحة ، دولية أو مغربية، تزرع ديناميكية حقيقية في الساحة الشطرنجية، وتهيء الشروط لطفرة رياضية جديدة... تحققها جامعة ملكية مغربية شطرنجية قوية، مبنية على أسس ديمقراطية سليمة.

محمد مبارك ريان

Crise Fédérale, Pourquoi Monsieur Amzal doit partir...

Maroc Echecs , 20 décembre 2005

Par Mohamed Moubarak Ryan

• L’enchaînement infernal des scandales au sein de la Fédération Royale Marocaine des Echecs (FRME) ne devra laisser aucun échéphile indifférent. Le dernier en date, révélé par l’équipe de Maroc Echecs, est fort accablant ; Pris en flagrant délit, Le président « en exercice » et son bureau fédéral actuel, ont fait de la falsification sans scrupule une arme « redoutable » pour impliquer tout le monde et distribuer les faveurs à tort et à travers. Sous prétexte de doter notre pays d’arbitres internationaux susceptibles de renforcer sa place au niveau mondial, ils ont utilisé des méthodes appartenant à un autre age, qui ne peuvent plus passer actuellement sous silence avec la prolifération de l’Internet et la transparence pratiquée par les organismes internationaux, qui permettent l’accès libre à leurs archives à qui veut les consulter !

•  Cette affaire très grave pour l’image de notre pays, nuisible à notre Fédération, préjudiciable à la réputation de ce noble jeu dont la pratique est souvent associée à la vertu et l’éthique, exige la démission pure et simple de Monsieur Mustapha Amzal de son poste de président de la FRME. Il assume, personnellement, l’entière responsabilité dans ce scandale « arbitral ». En signant de sa propre main des dossiers falsifiés, en apposant le cachet de la FRME sur un courrier officiel adressé à la FIDE, il a failli à son devoir de président de fédération, et abusé de la confiance que les clubs marocains ont mis sur sa personne, en l’élisant à deux reprises à la tête de la Fédération pour se charger de la bonne gestion et le développement des échecs dans le Royaume.

• Et pourtant, ceux qui connaissaient à fond Monsieur Amzal, et étaient au courant des « méthodes » qu’il a employées pour se propulser à cette fonction, ne furent guère surpris par la tournure des événements. En effet rien ne prédestinait « Si Mustapha » à une si importante charge. Son C.V. demeure le plus faible de toutes les personnes ayant succédées à la tête de la FRME, depuis sa création en novembre 1963, de Messieurs Abdelaziz Ayouch à Ahmed Jaafari. Joueur d’un niveau fort modeste, inconnu jusqu’à son élection de la majorité de l’élite échéphile nationale, simple fonctionnaire à la Jeunesse et Sport sans références solides, président d’une association d’échecs comme il en existe des dizaines à travers le Royaume, mais en homme intelligent et opportuniste, Il visait dès le départ, comme le prouvait l’enchaînement des événements, le poste de Président de la FRME, et travaillait avec ardeur et persévérance pour y parvenir ! Monsieur Jaafari, ex président de la FRME (1992-2000) cherchant un cadre administratif, arabisant de surcroît, pour se charger de la paperasse le choisit en tant que Secrétaire Général de la Fédération ; Monsieur Amzal sauta sur cette occasion dorée, et commença à photocopier les documents de la FRME, et rassembler « les preuves de la mauvaise gestion et de malversations de Jaafari », pour les utiliser le moment opportun, mordant, ainsi, la main qui lui a été naïvement tendue. Il exploita donc son différend avec son patron, suite à l’organisation de la réunion du Comité Exécutif de la FIDE en mars 2000 à Marrakech, pour couper les ponts avec lui. Il sillonnait, tout le Maroc, financé par je ne sais quelle personne, visitant les divers clubs affiliés à la Fédération, montrant « ses preuves » exploitant le mécontentement de certains, profitant de « l’usure de pouvoir » du à 8 ans de présidence, et obtenant l’appui, voire les signatures nécessaires pour ses futurs desseins. Le moment est venu, lorsque M.Jaafari se trouva isolé après le refus du rapport financier de la Fédération, et contraint ainsi de démissionner en fin 2000 ; M.Amzal propose « humblement » ses services et se porta candidat à la présidence, incarnant le rôle de Monsieur Propre, qui serait envoyé par le destin pour assainir notre Fédération Royale Marocaine des Echecs ! Dans le brouhaha général la plupart des représentants clubs présents à l’AG, n’ont pas pris suffisamment de recul pour se questionner sur les motifs de cette candidature pour le moins sujette à réflexion. Pour moi, et pour mon club aussi, cette longue campagne n’était pas fortuite, et ne fut guère entamée pour les beaux yeux de la princesse !

• Elu finalement par une majorité confortable, comme sur un nuage, président de la FRME, et pour une durée de quatre ans en prime, Monsieur Amzal commença à jouir pleinement de sa nouvelle et juteuse fonction ; Il s’entoura, d’abord, de gens dont la plupart sont sans expérience et sans stature afin d’ assurer sa prédominance sur le bureau fédéral ; le peu de cadres compétents qui travaillaient avec l’ancienne équipe fédérale, sont rapidement neutralisés, y compris son compagnon de route M. Khalid El Kouhen ; Les nouveaux statuts de la FRME, cheval de bataille électorale d’Amzal, sont remis aux calendes grecques. Qu’importe, l’homme parait, jeune, dynamique, modeste, disponible, voire omniprésent, promettant monts et merveilles, améliorant formellement la paperasse administrative, encourageant la création de nouveaux clubs...

• Passée cette période de grâce à laquelle tout nouveau dirigeant a droit, la suite des événements n’auguraient rien de bon pour la Fédération ; L’équipe fédérale mise en place fut incapable d’attirer de nouveaux sponsors pour financer les divers tournois nationaux et parrainer les jeunes talents ; La FRME restait à la merci de la subvention dérisoire du Ministère de tutelle, voyant même son budget diminuer de moitié en l’espace de deux ans seulement .Elle fut incapable de négocier un contrat de sponsoring avec Attijariwafabanque, géant financier émergé de la fusion de la Banque Commercial du Maroc et de Wafa Banque, ancienne institution pourvoyeur de fonds de la fédération, La raison de ce désistement est à chercher dans l’incompétence du président et sa nouvelle équipe, ses lacunes en matière de communication et sa méconnaissance du monde des affaires. D’autant plus que la FRME organisait mal les compétitions nationales dont elle a la charge, privilégiant la quantité et le nombre au détriment de la qualité et la pertinence, ne savait pas comment promouvoir son « produit échiquéen » notamment auprès des médias ; Des conditions d’accueil terribles, des salles de tournois souvent délabrées, des arbitres inexpérimentés, ne permettent point de préserver cette image de marque positive dont jouissent les échecs dans notre pays. Le populisme, la médiocrité voire la vulgarité sont devenus monnaie courante. Le comportement antisportif, jonché d’arrangements en dehors de l’échiquier sont souvent tolérés, voire pratiqués par certains membres fédéraux selon des témoignages convergentes dignes de confiance, comme ce fut le cas à El Jadida (2004), durant le trophée qui porte le nom de SM Mohamed VI.

• Menant à la dérive, sinon à la faillite, une fédération qui fut pourtant en assez bonne santé financière avant son arrivée, pratiquant la politique du bâton et de la carotte envers les joueurs marocains de compétition, marginalisant les arbitres nationaux qui osent faire preuve d’un minimum d’esprit d’indépendance, choisissant des chefs de délégation et d’accompagnateurs pour les équipes nationales participant à l’étranger, qui manquent souvent de compétences et d’expériences, avec les problèmes et les résultats que l’on sait ; organisant ou, plutôt, « désorganisant » des tournois nationaux dans de très mauvaises conditions, notamment ceux réservés aux jeunes, qui furent régulièrement logés dans des locaux insalubres, avec une alimentation médiocre ; peu respectueux des délais et de la ponctualité qui devraient être la règle d’or pour une fédération encadrant une activité aussi rationnelle que les échecs...et j’en passe. Bien de joueurs internationaux ne cessent de se plaindre publiquement de tant de promesses non tenues, d’autres souffrent toujours de l’acharnement et de l’arbitraire mais, d’aucuns préfèrent garder le silence, car il craignent de se trouver esseulés face aux terribles sautes d’humeur du président et ses représailles cautionnées, souvent, par des commissions expéditives, à l’instar des Ghazi, Sebbar et autres.

• Tout ce réquisitoire sévère basé, pourtant, sur des faits réels, des témoignages authentiques, et des décisions rendues publiques, est tout à fait discutable. L’on peut même rétorquer que c’est le produit d’un individu qui n’est pas au courant des difficultés quotidiennes d’une pauvre fédération, motivé par des considérations personnelles, ou poussé par un groupe de malhonnêtes aux intentions hégémonistes...L’on peut même évoquer la "théorie du complot" chère à certains esprits susceptibles.

• Tous ces arguments sont plausibles, et ils reviennent aux lecteurs et amateurs d’échecs marocains et aux présidents des clubs affiliés à la FRME, en fin de compte, d’en tirer leurs propres conclusions. Mais quand un président fait usage de faux, et utilise la falsification à grande échelle sans se soucier de la réputation de la fédération qu’il dirige, sans penser à l’image de son propre pays sur le plan arabe, africain et international, sans se rendre compte des torts irréparables qu’il va faire subir à toute la communauté échiquéenne nationale. Il doit afficher publiquement ses excuses, et présenter sa démission sans hésiter, à l’Assemblée Générale, l’instance même d’où il tire encore sa situation légale en tant que président en exercice de la Fédération Royale Marocaine des Echecs.

• Pour une fois j’espère que Monsieur Amzal sera à la hauteur de cette gravissime situation. Que Dieu le conduise sur le chemin de la vérité et la vertu.

...الإبرة والهشيــم

شطرنجيــون منسيـون... وسعــداء

إلى روح الشطرنجي المرحوم الحـاج محمــد كريــم

Maroc Echecs , le 21 février 2012 .

• الشطرنج لعبة ذهنيــة جميلــة، نتوخى من خلال مزاولتهــا المتعة المجـردة قبل أي شيء آخـر. وعندما نلقنهـا لأبنائنا أو نشرح قواعدها وحركاتها وتوليفاتهـا لزملائنا وأصدقائنا، فغايتنـا الأولى الإمتاع والمؤانسة، وليس تكوين أبطال مغاوير في مضاميرها، ولا سبر أغوارها الاستراتيجية أو التعمق في خباياهـاالتكتيكية.

• وفي تركيزنا على الجوانب الرياضية والتنافسيـة للشطرنج، وتغطيتنا الصحفية لبطولاتها ومبارياتها ودورياتها، واهتمامنا بالتحاليل التقنية لدسوتها ومسائلها ومنصوباتها، ومسايرتنا الحثيثة لأخبار نواديها وجامعاتها ومؤسساتها، وتفاعلنا مع مشاكلها التقنية والمادية والبشرية والتنظيميــة، ننسى ـ في خضم الحياة ـ السواد الأعظـم من الشطرنجييــن البسطاء، المبتدئين أو المعتزلين اللعباء، الذين لا يكترثون إطلاقـا باهتماماتنا وأشجاننـا "العاليــة"، المطلــة من أبراجنـا العاجية، التي قـد تختزل لعبـة الشطرنـج في أزمة جامعية مستفحلـة، أو بطولات متوقفـة، أو أنديـة مشلولـة...

• من هؤلاء الشطرنجيين "المنسيين" من يلتقي أصدقاءه في مقاهي شعبيـة أو نوادي اجتماعية، يستغرقون يوميا في مباريات لا تكاد تنتهي، تتخللهـا نكات طريفـة وحكايات لذيــذة ومواقف مثيــرة، غير عابئين بدقة حركات الفرسـان أو الفيلـة؛ يستمتعـون بخدعـة بسيطــة أو مكسب لقطعـة تائهة في وسط الرقعـة، أو مات على حين غـرة. لا يشغلـون بالهم بتحليل عميـق لوضعيـات انتهت وبادت، الأمـر الذي قد يحرمهـم من وقت إضافي ثمين لإعادة الكـرة وخوض عشرات الدسوت الإضافيــة، بتوابلهــا ومستملحاتهــا.

• ومنهم من يستقبــل ندماءه في بيتـه، ينفقـون الساعات الطـوال معـا على إيقـاع كؤوس الشاي المنعنعـة يلعبون الدسوت تلو الدسوت، ويتجادلون بحــدة حول وضعيات مربوحـة ضيعت، أو تضحيات جميلات أفلتت . وقـد يعيدون بشغف شديــد أدوارا تاريخية، أو منصوبات فنيـة، لا يملون من الانبهــار بهـا. ينسون في غمـرة شغفهــم مشاغـل الدنيا بأفراحـها وأحزانهـا، ويعرضـون عن أحاديث النميـمـة والخوض في أعـراض الناس. ألم يقل الملك الشطرنجـي الشاعــر عبد الله ابن المعتـز في وصف لعبـة الملوك وأهلها :

ياعائب الشطرنج من جهله** وليس في الشطرنج من باس

في فهمهـا علم، وفي لعبهـا** شغل عن الغيبة للناس

وتشغل الهائم عن حزنه** وصاحب الكأس عن الكـاس

وصاحـب الحرب بتدبيرهـا** يزداد فـي الشـدة والباس

وأهلهـا فـي حسن آدابهـم** من خير أصحـاب وجـلاس

• وهنــاك من تلقــن القواعــد الأساسيــة في مدرسة ابتدائيـة، أو دار للشبـاب في مدينة نائيـة، أو على يـد "حلاق" نبيـل في حاضـرة رباطية ؛ ولربمـا شارك في دوريات شطرنجيــة بسيطــة؛ وتولـع لفتــرة من الفتــرات قبــل أن تستغـرقه السنوات الدراسيـة الطويلـة ويغيب في معترك الحيــاة. ثـم ما فتـأت الصـدف تقـوده من جديـد إلى العوالـم الواقعيـة أو الافتراضيـة للعبـة الشطرنـج اللذيـذة، فيستعيـد بعضـا من مهاراتـه الماضيـة، ويبحث عـن صديق دراسـة أو زميل فـي المهنـة ليسـرق لحظات متجـددة من المتعـة الذهنيــة. وقـد يبـدي اهتمامــا بريئا بالمجال الشطرنجي : جامعـة وأندية ولاعبين؛ يريـد أن يسهـم من موقعه المهني أو الاجتماعي أو الثقافي في إشعـاع لعبـة نبيلـة ظـلت جذوتها متوقدة في أعماقـه، فيصطــدم بالواقع الذي لا يرتفـع، بتعقيـده وتشعبـه وصراعاتـه. وسـرعان ما ينكفئ على نفسـه، وينصـرف إلى شجونه الخاصـة، متعللا بالحكمـة القديمـة البليغة " إن العطار لا يصلـح ما أفسـده الدهـر".

• وفي عصـر الأنترنيت وانتشار البـرامج المعلوماتيـة، قد تلقى المآت بـل الآلاف من الهواة الذين لم يلجوا يومــا ناديا شطرنجيا، ولا شاهدوا بطولات ودوريات في فضاءات واقعيـة، وربـما لم يسمعوا قـط باسـم بارز من أبطال الرياضة الذهنية؛ عـالمهـم الافتراضـي يتشكـل من شاشـة حاسوب وفأرة سريعـة، ومنهــم من لم يلمس رقعــة شطرنجية ولا حرك بيـاذق خشبيـة أو بلاستيكية؛ رسلاؤهـم منتشرون عبر أصقـاع البسيطــة. منهــم من تلقــى المبادئ الأولى من معلـم قديـم أو صديق أو قريــب، ثـم ما لبث أن اكتشــف بنفسـه ما تتيحه اللعبـة من تنافـس واستمتــاع عبر الأثيـر، دونما مواجهات وأعصاب؛ .

• هؤلاء الهـواة المولعون الحقيقيـون هم الذين يفسرون الشعبية "الخفية" التي تتمتع بهارياضة الشطرنــج النبيـلة، ويمنحونها تلك النكهـة الخاصة التي تميزها عن سائـر الألعاب والرياضات الذهنية. شطرنجيـون منسيون ولكنهـم سعـداء، بعيـدا عن ساحـة شطرنجيـة مريضـة تعـج بالأدعيــاء؛ ديدنهـم طبـخ الدسائس وحبك المناورات، من أجل الحفاظ على مكاسب واهيـة لا تنفع في الدنيـا ولا في الآخــرة !

"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ في الأرض"

محمد مبارك ريان